شهد القطاع العقاري في دبي تطورات غير مسبوقة خلال عام 2024، حيث سجل السوق أرقامًا قياسية وتوسعًا ملحوظًا في المشروعات الجديدة، مما يعكس جاذبيته المتزايدة للاستثمار محليًا ودوليًا. ولعل من أبرز مؤشرات هذا العام أن مبيعات السوق العقارية تجاوزت حاجز نصف تريليون درهم لأول مرة في تاريخها، مما يعكس الثقة المتنامية لدى المستثمرين في هذا السوق الحيوي.
من جهة أخرى، كان قرار اعتماد استراتيجية القطاع العقاري 2033 إحدى المحطات المفصلية لهذا العام، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز القيمة المضافة للقطاع في الناتج المحلي للإمارة لتصل إلى 73 مليار درهم، ورفع نسبة تملك الوحدات السكنية إلى 33%، بالإضافة إلى نمو التعاملات العقارية بنسبة 70% لتصل إلى تريليون درهم. كما تسعى الاستراتيجية إلى مضاعفة قيمة المحافظ العقارية 20 ضعفًا لتصل إلى 20 مليار درهم، مما يعكس رؤية واضحة لمستقبل القطاع العقاري في دبي.
في السياق ذاته، أطلقت دائرة الأراضي والأملاك في دبي برامج ومبادرات عديدة لدعم النمو العقاري. ومن أبرزها برنامج دبي للوسيط العقاري، الذي يهدف إلى تمكين الشباب الإماراتي من الدخول بقوة في هذا القطاع، عبر رفع نسبة الوسطاء المواطنين من 5% إلى 15% خلال ثلاث سنوات.
إضافة إلى ذلك، قدمت «أراضي دبي» مبادرة ريس للابتكار العقاري، التي تهدف إلى جعل الإمارة مركزًا عالميًا لتكنولوجيا العقارات، عبر جذب الشركات المتخصصة في هذا المجال وتعزيز الحلول المبتكرة التي تدعم النمو المستدام في السوق.
على صعيد المشروعات الجديدة، شهد عام 2024 إطلاق نحو 370 مشروعًا عقاريًا بقيمة إجمالية تجاوزت 80 مليار درهم، شملت 110 آلاف وحدة سكنية وفندقية وتجارية. هذه الطفرة في المشاريع تؤكد قوة الطلب من المستثمرين المحليين والدوليين على العقارات في دبي، سواء للسكن أو للاستثمار طويل الأمد.
في خطوة أخرى لتعزيز كفاءة العمليات العقارية، وقّعت دائرة الأراضي والأملاك اتفاقيات مع سبعة مطورين عقاريين رئيسيين، بما في ذلك «إعمار»، «داماك»، و«شوبا». تتيح هذه الاتفاقيات للمطورين استخدام أنظمة التسجيل العقارية لتبسيط الإجراءات وتسريع المعاملات، وهو ما يعكس التحول الرقمي الكبير في خدمات القطاع.
من جهة أخرى، أكدت تقارير شركة «سفلز» العالمية أن دبي حافظت على موقعها كأعلى سوق عالمي لمبيعات المنازل الفاخرة التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار، متقدمة على مدن مثل نيويورك وهونغ كونغ. كما تصدرت دبي قائمة المدن العالمية السكنية الفاخرة من حيث نمو الإيجارات، بنسبة بلغت 12.1%، في ظل الطلب المتزايد من المستثمرين الأجانب الذين جذبتهم السياسات الداعمة لبيئة الأعمال وبرامج الإقامة طويلة الأمد.
ختامًا، يمكن القول إن عام 2024 يمثل علامة فارقة في مسيرة القطاع العقاري بدبي، حيث تمكنت الإمارة من تعزيز مكانتها كوجهة استثمارية عالمية بفضل رؤية استراتيجية ومبادرات طموحة تدعم نموًا مستدامًا ومتنوعًا للقطاع العقاري.