تواصل الإمارات تقدمها بثبات نحو تحقيق مستهدفاتها الاقتصادية الطموحة لرؤية “نحن الإمارات 2031″، والتي تهدف إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للدولة ليصل إلى ثلاثة تريليونات درهم بحلول العقد المقبل. مع هذا النمو المتسارع، حافظ الاقتصاد الإماراتي على قوته وديناميكيته خلال عام 2024، حيث سجل مصرف الإمارات المركزي توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4%، وهو ما يتجاوز بكثير معدل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي الذي يبلغ 2.7%، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
مؤشرات نمو اقتصادية قوية
في العام 2024، برزت العديد من المؤشرات التي تعكس نجاح السياسات الاقتصادية للدولة، وتوطيد مكانتها كأحد أقوى الاقتصادات الإقليمية. فبحلول نهاية الربع الثالث، سجلت الأصول المصرفية في الإمارات رقماً غير مسبوق بلغ 4.4 تريليونات درهم، فيما وصل إجمالي الائتمان إلى 2.16 تريليون درهم. كما شهدت الودائع المصرفية ارتفاعاً ملحوظاً، حيث بلغت 2.76 تريليون درهم، في إشارة إلى قوة القطاع المصرفي الإماراتي وقدرته على دعم نمو الاقتصاد الوطني.
التصنيف السيادي الأقوى في المنطقة
إحدى أبرز الإنجازات التي حققتها الإمارات في عام 2024 تمثلت في تصنيفها الائتماني السيادي، حيث حصلت على تصنيف (AA-) مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة “فيتش” العالمية، وهو التصنيف الأقوى في المنطقة. كما نال القطاع الائتماني الإماراتي تصنيفاً (Aa2) من وكالة “موديز”، ما يعكس الاستقرار المالي الكبير والقدرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.
القطاع العقاري في صدارة التوقعات
على صعيد القطاع العقاري، يواصل القطاع الإماراتي تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة، مدفوعاً بالطلب المتزايد على العقارات السكنية والتجارية. تشير التوقعات إلى أن سوق العقارات في الإمارات سيتجاوز حاجز 2.56 تريليون درهم بحلول نهاية عام 2024، بما يعكس تطوراً متسارعاً في هذا القطاع الحيوي. الإمارات أصبحت في صدارة قائمة الوجهات الأكثر جاذبية للمستثمرين العقاريين، وهو ما يتضح من تقرير “نايت فرانك” للاستشارات العقارية، الذي أظهر أن الإمارات من بين العشرة الأوائل في العالم ضمن قائمة من يخططون لشراء منزل.
خطط طموحة وداعمة للقطاع الصناعي
ليس القطاع العقاري وحده الذي يشهد نمواً ملحوظاً، بل إن القطاع الصناعي في الإمارات أظهر قدرة على التوسع والنمو أيضاً، حيث وصل عدد الشركات الصناعية في الدولة إلى أكثر من 10 آلاف شركة مع نهاية أكتوبر 2024. هذا النمو يعكس النجاح الكبير للإمارات في تنويع اقتصادها وتعزيز دور القطاع الصناعي كمحرك رئيسي للرفاه الاقتصادي الوطني.
التجارة الخارجية: نقطة التحول في الاقتصاد الإماراتي
فيما يخص التجارة الخارجية، حققت الإمارات نمواً ملحوظاً في صادراتها غير النفطية، حيث بلغت صادراتها في النصف الأول من 2024 ما كانت تصدره بالكامل في عام 2019، قبل أزمة “كورونا”. كما شهدت تجارتها الخارجية نمواً بنسبة 25%، ليقترب إجمالي التجارة من 1.4 تريليون درهم. هدف الإمارات الاستراتيجي الآن هو الوصول إلى ثلاثة تريليونات درهم في التجارة غير النفطية مع نهاية العام، وهو ما يعكس سعي الدولة نحو تعزيز موقعها كمركز تجاري عالمي.
إن ما يميز النمو الاقتصادي الإماراتي في عام 2024 هو رؤية الحكومة العميقة والبعيدة المدى، التي تركز على خلق بيئة اقتصادية مرنة وقوية تستقطب الاستثمارات وتدعم القطاعات المختلفة. في هذا السياق، تعزز الإمارات مكانتها كداعم رئيسي للاقتصاد العالمي من خلال شراكاتها الاستراتيجية مع أسواق عالمية، مع استمرارها في تحقيق أهدافها الطموحة التي تصب في صالح نموها المستدام.
إن نجاح الإمارات في اجتياز تحديات السنوات الماضية وتحقيق هذا النمو الملحوظ ما هو إلا دليل على قوة الاقتصاد الوطني ورؤيته المستقبلية، التي تضعها في مكانة مميزة على خارطة الاقتصاد العالمي.