في ظل النمو المتسارع لسوق المركبات الكهربائية، تُواجه العديد من التحديات، أبرزها توفير بنية تحتية كافية لشحن المركبات. لكن فريقاً بحثياً من جامعة خليفة قدّم حلاً مبتكراً يحمل اسم “بلوك تشارج”، والذي يعتمد على دمج محطات الشحن المتنقلة مع تقنية البلوك تشين والمزادات الإلكترونية. الهدف من هذا النظام الجديد هو تبسيط عملية شحن المركبات الكهربائية، تعزيز الثقة بين مزودي الخدمة ومالكي السيارات، وضمان بيئة تنافسية عادلة تمنع التضخم في الأسعار.
التحديات والحلول
وفقاً للبروفيسور إيهاب السعدني، أحد أعضاء الفريق البحثي، فإن عدم وجود محطات شحن كافية، خاصة في المناطق النائية أو ذات الكثافة السكانية المنخفضة، يُعدّ أحد أبرز العوائق أمام انتشار المركبات الكهربائية. بناء محطات شحن ثابتة في تلك المناطق يُعتبر مكلفاً من الناحية المالية والمعقدة لوجستياً. لذا، جاءت فكرة محطات الشحن المتنقلة كبديل عملي لتلبية الطلب عند الحاجة، بدلاً من مطالبة السائقين بالبحث عن محطات ثابتة بعيدة عن مواقعهم.
لكن هذا الحل واجه بدوره تحديات، منها تحديد المواقع المثلى لمحطات الشحن المتنقلة وضمان عدالة وشفافية الأسعار. وهنا يأتي دور ابتكار “بلوك تشارج” الذي يوفر منصة مرنة ومتكاملة للتعامل مع هذه المشكلات.
تقنية البلوك تشين والعقود الذكية
يعتمد النظام الجديد على البلوك تشين لتعزيز الشفافية ومنع التلاعب في البيانات أو الأسعار. تُستخدم العقود الذكية لتحكم العمليات المالية بشكل آلي وآمن، مما يُقلل من الحاجة إلى وسطاء ويضمن تنفيذ المعاملات بدقة. العملية ببساطة تبدأ عندما يقدم مالك السيارة طلباً عبر النظام، يُحدد فيه موقعه، حالة البطارية، وكمية الطاقة المطلوبة. يتولى النظام بعد ذلك مطابقة الطلب مع أقرب محطة متنقلة، ويتولى العقد الذكي ضبط عملية الدفع بمجرد انتهاء عملية الشحن.
تحقيق المنافسة العادلة وتجنب تضخم الأسعار
ميزة إضافية يقدمها “بلوك تشارج” هي الحفاظ على استقرار الأسعار عبر المزادات المفتوحة، حيث يمكن لمشغلي خدمات الشحن تقديم عروضهم بناءً على البيانات الفورية. هذه البيئة التنافسية تمنع أي استغلال أو تضخم في الأسعار، خاصة في المناطق ذات الطلب المرتفع.
تغيير قواعد اللعبة في السوق
النهج اللامركزي الذي يقدمه “بلوك تشارج” يُعتبر خطوة كبيرة نحو مستقبل أفضل لشحن المركبات الكهربائية. فمع توسيع استخدام هذه التقنية ودمجها بالبنية التحتية الحالية، يمكننا أن نتوقع نظاماً متكاملاً يجمع بين المحطات الثابتة والمتنقلة، مما يُغطي الطلب في كل من المدن المزدحمة والمناطق الريفية.
نحو مستقبل أكثر مرونة
“بلوك تشارج” يمثل نقلة نوعية في دعم اعتماد المركبات الكهربائية على نطاق أوسع. من خلال تقديم نموذج شحن مرن وقائم على التكنولوجيا المتقدمة، يُمكن لهذا الابتكار أن يجعل السيارات الكهربائية خياراً عملياً ومتاحاً لشريحة أكبر من السائقين، خاصة في المناطق التي لا تزال تعاني نقص البنية التحتية التقليدية.
إذا كانت التكنولوجيا هي المحرك الرئيسي للتغيير، فإن “بلوك تشارج” هو أحد الحلول الذكية التي تُظهر كيف يمكن للابتكار أن يُعيد صياغة مستقبل الطاقة والتنقل في العالم.
